الغة النوبية مغرضة للانقراض من وحهة نظر الالمان
تمتد أراضي النوبة في جنوب مصر لتشكل همزة الوصل بينها وبين السودان. واقترن اسم النوبة بحضارة قديمة كانت مواكبة لحضارة المصريين القدماء، بل وتعتبر جزءا لا يتجزأ منها، حيث آمن ملوك هذه الحضارة بنفس الآلهة المصرية القديمة، كما استطاع بعض هؤلاء الملوك في القرن السادس قبل الميلاد أن يعتلوا عرش مصر، ليدشنوا بذلك الأسرة الخامسة والعشرين في التاريخ المصري القديم. أما في العصر الحديث فارتبط اسم النوبة بأكبر عملية تهجير شهدتها القارة الأفريقية على الإطلاق، حينما نزح في الستينيات من القرن العشرين ما يزيد عن 120,000 نوبي عن مناطق سكنهم في جنوب مصر ليسكنوا في مناطق أخرى، وذلك بعد أن طمرت مياه النيل أراضيهم بشكل كلي، اثر إتمام مشروع السد العالي.
لغة في طريقها نحو الانقراض
Bildunterschrift: Großansicht des Bildes mit der Bildunterschrift: مدينة مروي واطلال اهرامات النوبيينإن اللغة النوبية بلهجاتها الخمسة(المحسية والفاديجا- الدنقلاوي والكنزية- لهجة البرقد- الميدوبية- لهجات جبال النوبة) لم تنل حظا وافرا من الاهتمام في مجال الدراسة، وتتعرض حاليا للأسف لخطر الانقراض والموت على المدى البعيد. ويعود ذلك إلى عاملين رئيسين: العامل الأول غلبة اللغة العربية في المناطق التي انتقل إليها النوبيون، حيث أدى ذلك إلى انزواء اللغة النوبية وتراجع استخدامها، العامل الآخر يكمن في طبيعة اللغة النوبية نفسها، وهو عدم وجود أبجدية تكتب بها، فكما هو معروف فإن اللغة النوبية هي لغة منطوقة فقط وليست مكتوبة. والجدير بالذكر، أن هذه اللغة قد تم كتابتها من قبل بحروف اللغة القبطية لفترة تتعدى سبعة قرون، منذ القرن السادس وحتى القرن الثالث عشر ميلادي، وهذا ما تدل عليه المخطوطات العديدة التي اكتشفت في منطقة قصر أبريم وغيرها من مناطق النوبة العليا في مصر. تلك النصوص تنحصر بشكل أساسي على نصوص دينية، تتناول مواضيع الكتاب المقدس.
الدراسات الألمانية الخاصة باللغة النوبية هي دراسات علمية تهدف في المقام الأول لحفظ التراث الإنساني من الضياع، مبتعدةً عن التيارات السياسة الجارفة التي قلما ما تلتفت أو تلقي اهتماما إلى الجانب الفكري من حياتنا. ويرجع الاهتمام الألماني باللغة النوبية إلي أكثر من 120 عاما، حين أصدر عالم الآثار والمصريات ريتشارد ليبسيوس عام 1880 كتابه عن قواعد اللغة النوبية. ولقد كان لهذا الكتاب أبعاده الهامة والكبيرة، حيث لفت النظر إلى منطقة تعد بوابة للقارة السوداء بثقافتها وملامحها الخاصة التي كانت ومازالت محاطة بالكثير من الغموض وقلة الفهم. والجدير بالذكر أن الدراسات الألمانية والمتعلقة باللغة النوبية لم تتوقف حتى وقتنا الحالي، حيث يعكف الكثير من الألمان المتخصصين في الدراسات الأفريقية على دراسة اللغة النوبية، ومحاولة الحفاظ عليها وحمايتها من الضياع. ولعل من أهم الأسماء التي لمعت في مجال البحث في الدراسات الخاصة باللغة النوبية "رولاند فيرنر" " انجي هوفمان" "تانيا كومرليه" وآخرون كثيرون. احد الذين عكفوا على البحث العلمي المتعلق باللغة النوبية بلغاتها المختلفة هي السيدة " انجيليكا ياكوبي"، حيث لم تتوقف عن البحث في هذا المجال منذ أكثر من عشرين عاما. موقعنا حرص على مقابلة السيدة ياكوبي لتدلي لتوضح لنا أهم المشاكل والعوائق التي تواجهها اللغة النوبية.
هناك بعض اللهجات التي تعرضت بالفعل للانقراض، مثل اللهجة البرقد، حيث لا يوجد حاليا في هذا الإقليم من يتحدث هذه اللهجة، كما أن الميدوبية في دارفور هي أيضا في طريقها إلى الانقراض، وكذلك هو الحال في أقاليم أخرى مثل دنقلة شمال السودان، فاللهجة الدنقلاوية قد تم تهميشها بشكل واضح.
:حازم مصباح