العولمة.هدم الاقتصاد القديم
يعتبر العالم الكندي مارشال ماك لوهان، أستاذ الإعلاميات السوسيولوجية في جامعة تورنتو، أول من أشار إلى مصطلح "الكوننة أو العولمة" globalization، عندما صاغ في نهاية عقد الستينيات مفهوم القرية الكونية، وهو الذي تنبأ أيضاً بأن الولايات المتحدة الأمريكية ستخسر الحرب الفيتنامية، وقد تبنى هذه الفكرة من بعده زيبجينو بريجنسكي، الذي أصبح فيما بعد مستشاراً للرئيس الأمريكي كارتر (1977 – 1980)، وأشار إلى أن تقدم أمريكا، التي تمتلك ما يزيد على 65% من المصادر الإعلامية، يمكن أن يكون (نموذجاً كونيًّا للحداثة) يروج للقيم الأمريكية التي تنادي بها كالحرية وحقوق الإنسان، وذلك عند سعيها حينئذ لإزاحة الأيدلوجيات الاشتراكية التي تبناها السوفييت المعادين للأمريكان، واعتمدت الولايات المتحدة في ذلك على شبكات تلفزة وقنوات فضائية وسينما ومراسلين في كل مكان في العالم ومن خلال الفضاء الكوني.
إن صياغة تعريف دقيق للعولمة مسألة ليست من السهولة بمكان؛ لوجود تعريفات لها بقدر الدارسين لها، حسب انتماءاتهم الفكرية ومستوياتهم الثقافية، ومواقفهم تجاه العولمة سواء بالرفض أو القبول.
ويمكن تقديم تعريف للعولمة من خلال التعريفات المتعددة، يجمع بين مفهومها وخصائصها، رغم أنها ما زالت في مراحلها الأولى، ولم تتبلور بعد إلى شكلها النهائي كالآتي:
العولمة هي تلك الحالة أو الظاهرة التي تسود في العالم حالياً، وتتميز بمجموعة من العلاقات والعوامل والقوى، تتحرك بسهولة على المستوى الكوني متجاوزة الحدود الجغرافية للدول ويصعب السيطرة عليها، تساندها التزامات دولية أو دعم قانوني، مستخدمة لآليات متعددة، ومنتجة لآثار ونتائج تتعدى نطاق الدولة الوطنية إلى المستوى العالمي؛ لتربط العالم في شكل كيان متشابك الأطراف، يطلق عليه القرية الكونية