محمد كمال نوبـــــــــــــــى صميـــــــــم
عدد الرسائل : 578 رقم العضوية : 37 تاريخ التسجيل : 25/04/2008
| موضوع: المجتمع النوبى 3 ( المصرى اليوم ) الأحد 15 فبراير 2009 - 7:50 | |
| النوبة قرن من المرارة (الحلقة الثالثة) النيل.. وجع البعاد
كتب نشوى الحوفى ١١/ ٢/ ٢٠٠٩ ترتسم على قسمات وجوههم تعاريج نهر النيل الذى يعيشون إلى جواره، وتعلموا من سريانه منذ آلاف السنين الصبر، فانعكس على سلوكهم، ووجوههم المرحبة دوماً.
ينتظرون مراكب السائحين تأتى إليهم عبر النهر محملةً بالرزق، فيهرعون إليها نساءً، وأطفالاً، ورجالاً، يبيعون لهم ما لديهم من منتجات، ذاعت شهرتها فى العالم عبر السياحة، ويمنحونهم فرصة للتمتع بأجواء نوبية طالما كثر الحديث عنها.
ويفرحون بزيارة قد تحمل تصوير فيلم مثل «مافيا» ليشاهدهم المصريون الذين لا يعرفون عنهم شيئاً، سوى أنهم من فصيلة «بكار» تلك الشخصية الكرتونية الشهيرة، أو زيارة فريق برنامج تليفزيونى، مثل «البيت بيتك» يمنحهم مقدمه الشهير، محمود سعد، فرصة استعراض ما لديهم، خلال فترة وجيزة، تظل بالنسبة لهم، ذكرى يفتخرون بها ويتحدثون عنها لمن يأتى لزيارتهم مرة أخرى.
هؤلاء هم سكان النوبة فى منطقة «غرب سهيل» التى تقع على بعد كيلومترات قليلة، يمين خزان أسوان، ويعرفون بين أهل النوبة بأنهم من «الكنوز» أو «الماتوكيين» الذين لا يختلفون كثيراً عن بقية أهل النوبة من «الفاجيكة»، إلا فى بعض تفاصيل اللغة النوبية.
الوصول إلى غرب سهيل، ليس بالأمر الصعب، فهى على بعد دقائق من قلب أسوان، يصعد بك الطريق بعد الدوران يمين خزان أسوان فى طريق غير ممهد، تحفه من الجانبين منازل نوبية بسيطة التفاصيل، مختلفة المساحة، تم بناء أغلبها بالطين، ورُشت حيطانها بالجير الأبيض، المزين برسومات، ونقوش نوبية، وما بين المسافات بين المنازل، تتبدى لك صورة النيل فى منظر بديع، ويصل إلى أذنيك وأنت تتابع رحلتك صوت الموسيقى النوبية هادئاً كهدوء البيئة المحيطة بك، شجياً كنظرات أهلها الممزوجة بحزن لا تفهم سببه.
بنيت البيوت فى غرب سهيل، على تل مرتفع عن شاطئ النيل بنحو ١٠ أمتار، ليكون الصعود من الشاطئ إلى الأرض عبر سلالم صخرية حًُفرت فى تكوين التل الطينى، وبأعلى التل تختلط المنازل بمحال بيع الهدايا التذكارية والتحف النوبية، والمنتجات التى تشتهر بها أسوان، كالفول السودانى المحمص على أشعة الشمس، والكركديه، والحناء.
ليس هذا فحسب ولكنك ستجد بعض البيوت انشطرت نصفين من الداخل، جزء منها تم إعداده كمكان لاستقبال السائحين بعد تزويده بالزخارف والمنتجات النوبية، مع توفير مكان لجلوسهم على هيئة المجالس فى البيوت النوبية.
ويقدم للسائحين فى تلك البيوت ما يتمنون الحصول عليه من شيشة، ومشروبات محلية وبعض العصائر، ليكون مقهى بالمعنى الكامل للكلمة، بينما يبقى الجزء الثانى من تلك المنازل، سكناً لأصحابها يعيشون فيه.
من هؤلاء عم عبدالشكور الذى كتب بالإنجليزية على بوابة منزله من الخارج، عبارة «كوش هاوس» أى «بيت كوش»، ينتمى المنزل لبيوت النوبة المتسعة، تزين جدرانه من الخارج رسومات غاية فى الروعة لامرأة نوبية تحمل جرتها باسمة، وأخرى لمجموعة راقصة من النوبيين،
بينما باب البيت مفتوح للجميع، نتجه صوب عم عبدالشكور للحديث معه، فيتسع وجهه بابتسامة واسعة، بمجرد معرفته أننا صحافة من القاهرة، فيبدأ فى الحديث معنا داعياً إيانا للدخول ومشاهدة البيت، ندخل متخطين «مصطبة» عند باب المنزل، ويدلك صاحب البيت على قفص حديدى على يمين الباب من الداخل، فنقترب منه لنرى فى داخله تمساحاً لا يتجاوز طوله نصف متر، يخبرنا عبدالشكور أنه اصطاده من وراء بحيرة السد، وهو صغير لكى يزيد من متعة السائحين المترددين على بيته.
أما «مجلسة» السائحين كما سماها عبدالشكور، فهى فى مواجهة باب المنزل، تزين مدخلها ستارة من الخرز، والغرفة مصممة على الطريقة العربية، حيث تم فرشها بالكليم، مع وضع وسائد قطنية مكسوة بأقمشة زاهية على الأرض، للجلوس عليها، وعلى الحائط صور مرسومة باليد لطبيعة الحياة فى النوبة.
نخرج باحثين عن عبدالشكور، فنجده خارج المنزل، يستقبل بعض السائحين الهابطين من مركب سياحى أتى بهم قائده إليه، يتحدث لهم بإنجليزية سليمة، مخبراً إياهم أنه بانتظارهم فى المنزل لتناول المشروبات النوبية، بعد انتهاء جولة طلبوها قبل الغروب على الجمال، التى أعدها لهم. يتراجع للوراء حاملاً من زوجته صينية صفت بأكواب الكركديه المثلج، تحية لنا.
«هنا فى غرب سهيل الحياة جميلة هادئة، نعيش على تراث الأجداد، ونعتمد كلنا على السياحة، كوسيلة لكسب العيش، استقبال السائحين، توصيلهم بالمراكب والسيارات، صناعة المنتجات التى يحرصون على العودة بها لبلادهم، توفير المكان الجيد للجلوس».
هكذا يتحدث عبدالشكور، الذى أضاف: «السياحة هذا العام ليست كالأعوام السابقة، هناك تراجع نتمنى ألا يؤثر على حياتنا بشدة، لقد عانينا فى سنوات الإرهاب الذى أثر على السياحة فى مصر، وربنا يستر ويحمينا من الأزمة العالمية».سألته عن طبيعة سكان المنطقة كنوبيين، فيجيب: «نعيش هنا منذ سنوات بعيدة، لم نضطر للهجرة كما حدث مع أهل النوبة الذين كانوا يعيشون عند السد، والبحيرة.
لا ينقصنا شىء لكننا نعانى بعض المشاكل التى طالما شكونا منها دون أن يجيبنا أحد فاعتدنا عليها، كالصرف الصحى الذى لم يفكر أحد فى تزويد المنطقة به، وإيجاد فرص عمل للعاطلين منا وخاصة أن السياحة ليست مضمونة، كما طالبنا برصف الطريق المؤدى إلينا بعد الخزان، حتى يسهل مجىء السياح، وتجميل المنطقة. عدا ذلك ليست لنا طلبات، فحياتنا سهلة، نسير معها كما ترسو بنا».
بجوار منزل عبدالشكور، العديد من البيوت التى تجلس أمامها نساء فى مختلف سنوات العمر، تنشغل كل واحدة منهن بعمل منتج يباع للسائحين، أغطية رأس للشباب، عقود من الخرز، وما إن يستشعرن باقتراب مركب يحمل السائحين، حتى يسرعن بحمل ما صنعن والوقوف أمام الشاطئ، يحاولن إقناع السائحين بشراء بضاعتهن.
البعض منهن كن يحملن عرائس خشبية ملونة صناعة الصين، وعندما لاحظت دهشتنا من أن يباع فى أسوان منتج صينى لسائح، يبحث عن تراث المكان، أجابت ضاحكة: «أنتم ترسلوها إلينا مع التجار من خان الخليلى، ونحن نبحث عن تنوع المنتج لنغرى السائحين بالشراء».
«العديد من الأفلام السينمائية يتم تصويرها هنا فى غرب سهيل»، هكذا التقط «حكيم» سائق السيارة التى كانت تقلنا الحديث بنبرة اعتزاز بالمنطقة، وأضاف: «فيلم (مافيا) الذى قام ببطولته الفنان أحمد السقا ومنى زكى، تم تصويره هنا، وكذلك فيلم (إنت عمرى)، الذى قام ببطولته هانى سلامة ونيللى كريم، فسحر المكان هنا لا يقاوم».
عندما تزور منطقة غرب سهيل، التى يعيش بها بعض من أهل النوبة، تعرف سبب تعاسة النوبيين فى قرى التهجير، التى قد تكون منازلها وطرقها، أفضل حالاً من نظيرتها فى غرب سهيل، السبب هو ذلك الخالد الذى يسرق العقول والقلوب معاً منذ آلاف السنين، فمن زار أسوان يعرف أن النيل هناك، غير النيل فى القاهرة والدلتا، لا فى لون المياه، ولكن فى هيئته التى تشعرك، وهى تعبر بين شاطئيه والصخور الجرانيتية، أنه بالفعل النهر الخالد، الذى يمنح القاطن على ضفافه، حتى ولو كان فى عشه من البوص، الراحة والسكينة.
فالنيل لدى النوبى، ليس مجرد مجرى مائى، بل هو شريان حياة يمر فى قلوب النوبيين، مذكراً إياهم بماضيهم، وراسماً حاضرهم، ومزوداً خيالهم بكل ما هو خصب.
النوبى شخصية عشقت منذ وجودها السفر والتنقل، سعياً وراء الرزق، ولكنه لم يعشق الغياب الطويل عن الأحبة والأهل، ولذا كان النيل بالنسبة إليه شبكة المواصلات، التى توفر له الانتقال عبر مراكبها الشراعية، من الجنوب للشمال، وبين قرى النوبة المزروعة على شاطئ النيل لمسافة تقترب من نحو ٣٥٠ كيلو متراً، وتكون العودة بعد الغربة والسفر، مرة أخرى للجنوب محملاً بالصناديق والكراتين المملوءة للأحبة بالهدايا والملابس، والشاى والسكر، والمواد الغذائية.
«البوستة» هو الاسم الذى أطلقه النوبى على المراكب التى تجوب النيل بين القرى المختلفة، تأتى مطلقة «صفارة» الوصول، فتقف على شاطئ كل قرية تنتظر من يركب بها، وسط وداع محبيه ودموعهم، ومن يترجل منها منطلقاً إلى أحضان الأحبة المستقبلين له.
كانت رحلة البوستة من الشلال فى أسوان، وحتى دنقلة فى السودان، تمر عبر ثلاث محطات، المحطة الأولى هى منطقة «الكنوز»، ثم محطة «العرب»، ثم محطة «الفديكات»، التى تتصل بدنقلة بالسودان. ومع ما منحه إياه من مياه يشربها، ويزرع منها، ويتنقل عليها، وأرض يسكنها، كانت تلك العلاقة بين النوبى ونيله، الذى تغنى به غناء العاشق | |
|
محمد كمال نوبـــــــــــــــى صميـــــــــم
عدد الرسائل : 578 رقم العضوية : 37 تاريخ التسجيل : 25/04/2008
| موضوع: رد: المجتمع النوبى 3 ( المصرى اليوم ) الأحد 15 فبراير 2009 - 7:53 | |
| اللغة النوبية.. شفرة النصر فى حرب أكتوبر
كتب نشوى الحوفى «ماسكا فيونا»، «بييس»، «نو»، «يو أندى»، «بان إيسى»، «وينجى»، تلك هى بعض من مفردات اللغة النوبية، وتعنى حسب ترتيب كتابتها، «صباح الخير»، «أخ»، «جد» و«أمى» و«عمة»، أما الأخيرة فتعنى «نجم»، حيث يصف خبراء اللغة النوبية، بأنها طبقات متراكبة من كل لغات حوض نهر النيل، والكتابات المصرية عبر تاريخها منذ الهيروغليفية والديموطيقية، مروراً باللغة اليونانية القديمة، انتهاءً بالعربية.
ويقول عنها أهلها، أنها باتت، رغم تراجع التحدث بها من قبل الأجيال الحديثة، أقدم لغة متكلمة ومكتوبة، فى تاريخ البشرية بعد اندثار الفرعونية والقبطية القديمة، يصرون فى النوبة، سواء أكانوا من الكنوز أو الفديكا، على التحدث بها حفاظاً على بقائها، بعد انتشار الحديث بلهجة باقى المدن المصرية.
تعرف الموسوعة العالمية للغات، اللغة النوبية بأنها لغة نيلية صحراوية، يتحدث بها سكان جنوب مصر وشمال السودان، ويبلغ عدد الناطقين بها، نحو مليون نسمة.
ويقول المؤرخون إنه عندما عرفت بلاد النوبة الدين المسيحى، واعتنقه أهلها، كانوا بحاجة إلى ترجمة الإنجيل إلى لغتهم كى يفهموه، فاستعاروا حروف اللغة القبطية، التى أخذها المصريون من الحروف اليونانية، وأضافوا إليها بعض حروف اللغة الديموطيقية، لتصبح اللغة النوبية لغة قراءة وكتابة، بعد أن كانت لغة تخاطب فقط.
وهو ما استمر حتى القرن الخامس عشر الميلادى، حين أخذت اللغة العربية التى يتحدث بها المسلمون فى الانتشار، حيث كانت القبطية هى السائدة.
وعلى الرغم من انتشار العربية، فإن النوبيين حافظوا على لغتهم ومفرداتها فيما بينهم، فإنه من النادر أن تجد من يكتبها الآن.
ويقسم النوبيون فى جنوب مصر لغتهم إلى لهجتين حسب تصنيفهم لأنفسهم، فهناك لهجة نوبة الكنوز، ولهجة نوبة الفديكا، والاختلافات بينهما ناشئة عن أصل كل من اللهجتين، كما يقول خبراء اللغة النوبية، فيعود أصل «الكنزية» إلى اللهجة «الدنقلاوية» نسبة إلى دنقلة فى السودان، بينما يعود أصل «الفديكا» إلى اللهجة «المحسية»، التى كان يتحدث بها سكان شمال السودان.
ويرى بعض المتعصبين لتاريخ النوبة ولغتها، أن تراجع استخدام اللهجات النوبية، وانقراض بعضها الآخر، نتج عن عمليات التعريب القسرية التى تعرضت لها بلاد النوبة، وهو زعم يجافى الواقع، حيث تؤكد الشواهد التاريخية لدى النوبيين أنفسهم، أن لغتهم مرت بالعديد من محطات التطور، نتيجة وفود العديد من الأجناس على تلك المنطقة، بدءاً من الفرعونية القديمة انتهاءً بالعربية،
كما أن سيادة لغة على أخرى كان دوماً يرتبط بالديانة التى يؤمنون بها، وهو ما يؤكده دكتور ميلاد حنا، الذى يرى أن استخدام اللغات واللهجات فى العالم كله يأتى حسب احتياجات المتكلمين بها.
ويكفى اللغة النوبية وأهلها فخراً، أنها وكما قال الكاتب محمد حسنين هيكل فى إحدى حواراته فى الجزيرة، كانت لغة الشفرة فى حرب أكتوبر ١٩٧٣.
وفشل العدو الصهيونى فى فك رموزها، ويكون للنوبيين فضل المساهمة فى نصر أكتوبر. وأخيراً لا نملك إلا القول:«ماسكا جرو» التى تعنى بالنوبية «السلام عليكم». | |
|
محمد كمال نوبـــــــــــــــى صميـــــــــم
عدد الرسائل : 578 رقم العضوية : 37 تاريخ التسجيل : 25/04/2008
| موضوع: رد: المجتمع النوبى 3 ( المصرى اليوم ) الأحد 15 فبراير 2009 - 7:59 | |
| حلى المرأة النوبية.. زينة أسطورية لنساء يشبهن الأساطير
كتب نشوى الحوفى ملكة متوجة دون عرش، تعامل بذات التقدير الذى كانت تتمتع به جداتها من ملكات الفراعنة فى الماضى، تعشق الجمال البادى عليها وعلى أسرتها، ولذا كانت لها خصوصيتها فى حليها، وملبسها، وزواجها أيضاً.
حلى المرأة النوبية ليست مجرد قطع من الذهب أو الفضة، كتلك التى تتزين بها النساء، ولكنها قطع تحكى تاريخ تطور، وإبداعات بشر عشقوا الجمال فى كل شيء، حتى فى حُلى المرأة.
وتتنوع أسماء تلك الحُلى، سالبة عقل المتتبع لها، ما بين «الجكد»، و«الزمام»، و«الكردان»، و«الزيتونى» وغيرها من الأسماء، التى تزيد بشرة سمراوات النوبة، تألقاًً وبريقاً تحت لمعان حليهم الذهبية، مما جعل مصممة الحلى والمجوهرات المصرية الشهيرة عزة فهمى تصفها بالقول: «حلى النوبة كنز من كنوز الحلى فى مصر».
«القرط» أو «الحلق» بلغتنا الدارجة، هو الأكثر شيوعاً بين النساء هناك، تمتلكه الفقيرة والغنية.
ولذا يتنوع اسمه وتصميمه أيضاً، فهناك «القرط البلتاوى» أو «الزمام»، ويتخذ من الهلال تصميماً، تزينه الزخرفة النوبية التقليدية، من خلال مثلثات متجاورة فى صفين، مصنوعة بطريقة النقش بالأقلام، أو المقاطع فى خطوط غائرة، والمساحات الناشئة بين المثلثات تكون هى الأخرى مثلثات.
ويعتبر هذا القرط من الحلى الأولية فى بلاد النوبة، وكان يصنع حتى وقت قريب من الفضة، ولكن بعد هجرة النوبيين عقب بناء السد العالى، اختفى القرط الفضة، وتحول إلى ذهب.
هناك أيضاً «أوكن تميم» أو «قـــــــرط الفــــــــدو»، وهو قرط ذهبى على شكل الهلال أيضاً، ولكنه أصغر حجماً ووزناً، من أقراط «البلتاوى»، ويُعلق فى أعلى عظمة الأذن. ويزخرف الهلال بثلاثة صفوف متتالية من المثلثات المحفورة، فى وسطها تاج، تحيط به من الناحيتين أوراق أغصان نباتية وزهور.
أما «قرط عكش» فهو قرط مزخرف برموز وزخارف بارزة، ترى فى وسطها طاووسين متقابلين، بينهما صف رأسى من ثلاث وحدات شبه هندسية، على قمتها، سعفة نخيل.
ويبدع النوبيون فى زينة نسائهم فلا ينسون الرأس، تاج المرأة وقمة زينتها، فيصنعون «حلية الشاوشاو» من الفضة لتعلق على جانبى الرأس، فتسدل بجوار الأذنين حتى تصل إلى الأكتاف، ويصل بين طرفى الحلية، شريط يمر ويثبت فوق الرأس.
الأجيال الحديثة لا تمتلك تلك الحلية الفضية، ولكنهم قلدوها بأخرى صنعوها على شكل أشرطة من الخرز، تعلق فى الشعر وتتدلى على جانبى ومؤخرة الرأس حتى الأكتاف.
وفى حلى نساء النوبة ما يعرف باسم «فضة الرحمن» وهى حلية ذهبية للجبهة، مزخرفة يتم ارتداؤها مع حلية أخرى للرأس تسمى «الرسان» وهى عبارة عن سلسلة، تتدلى منها ١٢ وحدة صغيرة بشكل مخروطى تشبه كل منها زهرة اللوتس، وفى أسفلها هلالان متجاوران، تعلو كلا منهما نجمة صغيرة.
ولا تنسى اليد النوبية إبداع حلى العنق، ومنها «قلادة البيق» وهى قلادة تشبه الكردان إلى حد ما تصنع من عيار ٢١ وتتكون من ٦ خطوط مسطحة مخروطية الشكل، عليها رموز وزخارف بارزة لأهــلة ونجــوم، تتوسط الجزء الأعلى منها نجمة خماسية، وفى وسط القلادة دلاية مستديرة عليها تشكيل بالبارز، تسمى «ما شاء الله»،
ويأتى الحديث عن خلخال القدم الذى يسمى بالنوبى «الحجل» ويصنع من الفضة على شكل دائرة مفتوحة عند طرفيها تزينه بعض النقوش الغائرة، أما طرفا الخلخال، فهما عبارة عن رأسين كل منهما مكعب أجوف مشطوف الزوايا، يشبه الحبة المثمنة.
وتتأتى الخصوصية الثانية لدى المرأة النوبية فى ملبسها، الذى يتميز بقطعة تطلق عليها «الجرجار»، وهو عبارة عن رداء شفاف من قماش الشيفون أو الدانتيل الأسود المطرز يمتا بأكمام واسعة، وطويلة تتجاوز رسغ اليدين، وينتهى بأطراف «مكشكشة».
يزيد طول الجرجار من الخلف، ليدارى أقدام المرأة النوبية عند السير به، بينما لا يتجاوز طوله كعب المرأة من الأمام. وللجرجار طرحة من نفس نوعية القماش المصنوع منه، طولها متران وتلف حول الرأس فتغطى الكتفين والصدر، وتظهر دائرة الوجه فقط.
«وفاء» ابنة شقيقة عم دهب أكدت لنا حرص المرأة النوبية على ارتداء الجرجار خاصة فى المشاوير البعيدة، فهو جزء من حشمتها وثقافتها، مشيرة إلى أن سعر القماش الخاص بالجرجار، يتجاوز ٢٠٠ جنيه، بينما تتكلف الخياطة ٣٠ جنيهاً.
ورغم استمرار «الجرجار» كسمة من سمات ملابس النساء فى النوبة، فإن هناك تراجعاً واضحاً، على حد وصف النساء الكبيرات، فى ارتدائه من قبل شابات النوبة وذلك لعدة أسباب، أهمها غلاء سعره مقارنة بسعر العباءات الخليجية التى باتت تفضلها نساء النوبة لتعدد تصميماتها. | |
|